للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

كذلك، فأخذوا من الروضة جزءا، وبنوا عليه جدارا آخر غير الجدار الأول، بنوه من ثلاث جهات، وجعلوا جهة الشمال مسنمة أي: مثلثة، فصار عندنا الآن جداران: الجدار الأول: مغلق تماما، وهو جدار حجرة عائشة، والجدار الثاني: الذي عمل في إمرة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - زمن الوليد بن عبد الملك وقد جعلوا من جهة الشمال - وهي عكس القبلة - مسنما؛ لأنه في تلك الجهة جاءت التوسعة، فخشوا أن يكون ذلك الجدار مربعا، يعني: مسامتا للمستقبل، فيكون إذا استقبله أحد فقد استقبل القبر، فجعلوه مثلثا، يبعد كثيرا عن الجدار الأول، وهو: جدار حجرة عائشة؛ لأجل أن لا يمكن لأحد أن يستقبل القبر؛ لبعد المسافة؛ ولأجل أن الجدر صار مثلثا.

ثم بعد ذلك بأزمان جاء جدار ثالث أيضا وبني حول ذينك الجدارين، وهو الذي قال فيه ابن القيم - رحمه الله - في النونية في وصف دعاء النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» (١) قال:

فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران

حتى غدت أرجاءه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان

فأصبح قبر النبي عليه الصلاة والسلام محاطا بثلاثة جدران، وكل جدار ليس فيه باب، فلا يمكن لأحد أن يدخل ويقف على القبر بنفسه؛ لأنه صار ثم جداران، وكل جدار ليس له باب، ثم بعد ذلك وضع الجدار الثالث، وهذا الجدار أيضا ليس له باب، وهو كبير مرتفع، وهو الذي وضعت عليه القبة فيما بعد، فلا يستطيع أحد الآن أن يدخل إلى القبر، أو أن يتمسح به، أو أن


(١) أخرجه مالك في " الموطأ كتاب الصلاة (٢٦١) .

<<  <   >  >>