والعلة الثانية: قول أبي بكر - رضي الله عنه - إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الأنبياء يقبرون حيث يقبضون»(١) .
وقولها:" غير أنه خشي " بفتح الخاء، أو خشي بضمها، وهما وجهان جائزان.
فإذا كان بفتح الخاء فالمقصود به: النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان بضم الخاء فالمقصود: هم الصحابة - رضي الله عنهم - وهذا تنبيه على إحدى العلتين.
وقد قبل الصحابة - رضوان الله عليهم - وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملوا بها، فدفنوه في مكانه الذي قبض فيه، في حجرة عائشة، وكانت - رضي الله عنها - قد أقامت جدارا بينها وبين القبور، فكانت غرفة عائشة فيها قسمان قسم فيه القبر، وقسم هي فيه.
وكذلك لما توفي أبو بكر رضي الله عنه، ودفن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة الشمال، كانت أيضا في ذلك الجزء من الحجرة، ولما دفن عمر - رضي الله عنه - تركت الحجرة رضي الله عنها، ثم أغلقت الحجرة، فلم يكن ثم باب فيها يدخل منه إليها، وإنما كانت فيها نافذة صغيرة، ولم تكن الغرفة كما هو معلوم مبنية من حجر، ولا من بناء مجصص، وإنما كانت من البناء الذي كان في عهده عليه الصلاة والسلام؛ من خشب ونحو ذلك.
ولما زيد في بناء المسجد النبوي في عهد الوليد بن عبد الملك، وكان أمير المدينة يوم ذاك، عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - وأخذوا بعضا من حجر زوجات النبي عليه الصلاة والسلام: بقيت حجرة النبي عليه الصلاة والسلام