للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

فعكفوا على قبره "، فهذا العكوف؛ لأجل أنه رجل كان ينفعهم، يلت السويق لهم، وهذا على قراءة {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩]

ووجه المناسبة ظاهر: من أن صلاح ذلك الرجل جعلهم يغلون في قبره كما قال: " فعكفوا على قبره ". والعكوف على القبور يصيرها أوثانا، والعكوف معناه: لزوم القبر بتعظيمه، واعتقاد البركة، والثواب، والنفع، ودفع الضر، في لزومه، فهذا معنى العكوف.

" وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» . رواه أهل السنن ": وجه الدلالة من الحديث ظاهرة: وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتخذين على القبور المساجد والسرج. أما اتخاذ المساجد على القبور فقد سبق الكلام عليه، وأما لعن المتخذين السراج على القبور: فلأنها وسيلة لتعظيم تلك القبور، ونوع من أنواع الغلو فيها، وقد كانت القبور المعظمة تسرج قديما، وتجعل عليها القناديل، أما في هذه الأعصار، فيجعلون عليها الأنوار العظيمة التي تبين أن هذا المكان مقصود، وأنه مطلوب الراغبين، ويجعلون لها من وسائل الإضاءة العصرية الحديثة ما يسطع الأبصار، ويغري الناس بتعظيمها وعبادتها. ولا شك أن هؤلاء ملعونون بلعنة رسول الله. فلا يجوز أن تتخذ السرج على القبور؛ لأن اتخاذ السرج على القبور من أنواع الغلو فيها؛ ولأنه يدعو إلى تعظيمها، وقد يؤول الأمر بعد ذلك إلى أن تتخذ آلهة وأوثانا تعبد مع الله جل وعلا.

هذا الباب من جنس الأبواب قبله الواردة في حماية النبي عليه الصلاة والسلام جناب التوحيد، وفي سده كل طريق يوصل إلى الشرك. وأتى الشيخ - رحمه الله - هنا بآية براءة، وهي قول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨] [التوبة: ١٢٨]

<<  <   >  >>