بأصنام، وبأحجار، وبأشجار، وبغير ذلك من الأشياء، واعتقدوا فيها، ووصل بهم ذلك الاعتقاد إلى حد الشرك الأكبر؛ مع أن المسوغ العقلي والنفسي لعبادتها غير قوي، ولا ظاهر فيها: فإن اتخاذ قبور الصالحين، والأنبياء، والمرسلين أوثانا، أو أن يتوجه إلى أصحابها بالعبادة وارد من باب أولى؛ لأن تعلق القلوب بالصالحين أولى من تعلقها بالأحجار، وتعلقها بالأنبياء والمرسلين أولى من تعلقها بالجن، أو بالأشجار، أو بالأحجار، أو نحو ذلك، فوسائل الشرك بالقبور، أظهر منها في الأصنام ونحوها، وأوضح؛ وهما يشتركان في أن كلا منهما يعتقد تأثير الصنم أو الوثن في حصول ما يرجوه من الشفاعة عند الله؛ فأولئك المشركون يقولون في آلهتهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣][الزمر: ٣] ، ويقولون:{هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس: ١٨][يونس: ١٨] ، وأهل العصور التي فشا فيها الشرك، إذا سألتهم يقولون: هذا توسل، وهذا استشفاع، والحال واحدة، والسبيل الذي جعل تلك القبور أوثانا هو اتخاذها مساجد، والبناء عليها، والحث على مجيئها، والتبرك بها، وذكر الكرامات التي تحصل عندها من إجابة الدعوات، وتفريج الكربات!! ، إلى غير ذلك مما يفعله المشركون بقبور معظميهم.
" ولابن جرير بسنده عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال في قوله:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}[النجم: ١٩][النجم: ١٩] . قال: كان يلت لهم السويق، فمات، فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس قال: كان يلت السويق للحاج ". الشاهد قول مجاهد: " مات