{أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام: ٨٢] فـ (الأمن) هنا: هو الأمن التام في الدنيا، والمراد به أمن القلب وعدم حزنه على غير الله - جل وعلا - والاهتداء التام في الدنيا وفي الآخرة، وكلما وجد نقص في التوحيد بغشيان العبد بعض أنواع الظلم الذي هو الشرك، إما الشرك الأصغر، أو الشرك الخفي، وسائر أنواع الشرك، ونحو ذلك، ذهب منه من الأمن والاهتداء بقدر ذلك. هذا من جهة تفسير الظلم بأنه الشرك.
فإذا فَسَّرْتَ الظلم بأنه جميع أنوع الظلم - كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - فإنه يكون - على هذا التفسير - مقابلة بين الأمن والاهتداء، وبين حصول الظلم، فكلما انتفى الظلم: وُجد الأمن والاهتداء، وكلما كمل التوحيد وانتفت المعصية: عظم الأمن والاهتداء، وإذا زاد الظلم: قَلَّ الأمنُ واهتداء بحسب ذلك.
قال:(وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» أخرجاه)(١) .
مناسبة هذا الحديث للباب قوله:«على ما كان من العمل» ومعنى قوله: «على ما كان» يعني على الذي كان عليه من العمل ولو كان مقصرا في العمل وعنده ذنوب وعصيان، فإن لتوحيده لله، وشهادته له بالوحدانية، ولنبيه