هنا - في مراد الشارع -: هو الشرك، فيكون مقصود الشيخ من إيراد هذه الآية تحت هذا الباب: بيان فضل من آمن ووحّد، ولم يلبس إيمانه وتوحيده بشرك، وأن له الأمن التام، والاهتداء التام؛ فهذا هو وجه مناسبة الآية للباب. ومعنى الآية: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بشرك أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.
وجاء الظلم في الآية مُنَكَّرًا، في سياق النفي، وهو قوله تعالى {وَلَمْ يَلْبِسُوا}[الأنعام: ٨٢] وهذا يدل على عموم أنواع الظلم، لكن هل المراد بالعموم هنا العموم المخصوص، أو العموم الذي يراد به الخصوص؟ الجواب: أن المراد بالعموم هنا: هو العموم الذي يراد به الخصوص؛ لأن العموم عند الأصوليين تارة يكون باقيا على عمومه، وتارة يكون عموما مخصوصا يعني دخله التخصيص، وتارة يكون عموما مرادا به الخصوص يعني أن لفظه عام، ولكن يراد به الخصوص فهذه أوجه ثلاثة، والوجه الأخير هو الذي أراد الشيخ - رحمه الله - الاستدلال به من الآية. صحيح أن (الظلم) هنا جاء نكرة في سياق النفي (لم) : فيدل على العموم، لكنه عموم مراد به الخصوص؛ وهو خصوص أحد أنواع الظلم كلها؛ لأن من أنواع الظلم: ظلم العبد نفسه بالمعاصي، أو ظلم العبد غيره بأنواع التعديات، ومنه ما هو ظلم من جهة حق الله - جل وعلا - بالشرك به، فهذا هو المراد بهذا العموم، فيكون عاما في أنواع الشرك، وبهذا يحصل وجه الاستدلال من الآية، فيكون معنى الآية:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ}[الأنعام: ٨٢] يعني لم يلبسوا توحيدهم بنوع من أنواع الشرك.