قوله:" وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبده قال: كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال: فقتلنا ثلاث سواحر" هذا ظاهر في الأمر بقتل الساحر والساحرة بدون تفصيل؛ ولأن حقيقة السحر لا تكون إلا بشرك بالله- جل وعلا- وذلك ردة.
قوله:"وصح عن حفصة -رضي الله عنها - أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، وكذلك صح عن جندب، قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "
. يعني أن الساحر يجب أن يقتل وهذا حده سواء قلنا: إنه يقتل لحد الردة، أو يقتل لحد القتل، أو يقتل تعزيرا، فالصحابة -رضوان الله عليهم- أفتوا بقتله، وأمروا بقتله، وذلك بدون تفريق، وهذا هو الواجب ألا يفرق بين نوع ونوع، والواجب على المسلمين أن يحذروا السحر بأنواعه، وأن يتعاونوا في الإبلاغ عن كل من يعلمون عنده شعوذة، أو استخداما لشيء من الخرافات، أو السحر، ونحو ذلك، إبراء للذمة، وإنكارا للمنكر؛ لأنه كما قال الأئمة: ما دخل السحرة إلى بلد إلا فشا فيها الفساد، والظلم، والاعتداء، والطغيان؛ ذلك لأنهم يستخدمون الشياطين، فتطيع الشياطين السحرة، أعاذنا الله منهم، ومن أقوالهم، وأعمالهم وتأثيراتهم.
هذا " باب بيان شيء من أنواع السحر ". لما ذكر الإمام -رحمه الله تعالى- ما جاء في السحر، وما اتصل بذلك من حكمه وتفصيل الكلام فيه، ذكر أن السحر قد يأتي في النصوص، ولا يراد منه السحر الذي يكون بالشرك بالله- جل وعلا-، فإن اسم السحر عام في اللغة، يدخل فيه ذلك الاسم الخاص الذي فيه استعانة بالشياطين والتقرب إليها وعبادتها لتخدم الساحر، ويدخل فيها أمور أخرى يطلق عليها الشارع أنها سحر، وليست كالسحر الأول في الحقيقة ولا في الحكم، وهو درجات.