أصغر، وليس كفرا مخرجا من الملة، هذا أحد الأقوال في مسألة كفر من أتى الكاهن فصدقه بما يقول.
والقول الثاني. أنه يتوقف فيه، فلا يقال يكفر كفرا أكبر، ولا يقال أصغر، وإنما يقال: إتيان الكهان وتصديقهم كفر بالله- جل وعلا-، ويسكت عن ذلك، ويطلق القول كما جاء في الأحاديث، وهذا لأجل التهديد والتخويف حتى لا يتجاسر الناس على هذا الأمر، وهذا هو مذهب الإمام أحمد في المنصوص عنه.
والقول الثالث من أقوال أهل العلم: أن الذي يصدق الكاهن كافر كفرا أكبر مخرج من الملة وهذا القول فيه نظر من جهتين:
الجهة الأولى: ما ذكرنا من الدليل من أن قوله -عليه الصلاة والسلام-. «لم تقبل له صلاة أربعين يوما» يدل على أنه لم يكفر الكفر الأكبر، ولو كان كفر الكفر الأكبر لم يحد عدم قبول صلاته بتلك المدة من الأيام.
والجهة الثانية: أن تصديق الكاهن فيه شبهة، وادعاء علم الغيب أو تصديق أحد ممن يدعي علم الغيب كفر بالله- جل وعلا- كفرا أكبر، لكن هذا الكاهن الذي ادعى علم الغيب يخبر بالأمور المغيبة فيما صدق فيه عن طريق استراق الجن للسمع، فيكون إذا هو نقل ذلك الخبر عن الجني، والجن نقلوه عما سمعوه في السماء، وهذه شبهة. فقد يأتي الآتي إلى الكاهن ويقول: أنا أصدقه فيما أخبر من الغيب؛ لأنه قد جاءه علم ذلك الغيب من السماء عن طريق الجن، وهذه الشبهة تمنع من تكفير من صدق الكاهن الكفر الأكبر.
فالقول الأظهر: أن كفره كفر أصغر وليس بأكبر؛ لدلالة الأحاديث؛ ولظهور التعليل في ذلك.