ونوع من السحر يكون في البدن، أي: من جهة عضوية، فهذا أحيانا يعالج بالرقى والأدعية والقرآن، وأحيانا يعالج عن طريق الأطباء العضويين، وذلك لأن السحر- كما سبق- يمرض حقيقة، فإذا أزيل المرض أو سبب المرض فإنه يبطل السحر؛ ولهذا قال ابن القيم في آخر الكلام:" والثاني: النشرة بالرقية، والتعوذات، والأدوية، والدعوات المباحة فهذا جائز "؛ لأنه يحصل منه المرض، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يعالج بما أذن به شرعا من الرقى والأدوية المباحة.
والقسم الثاني من النشرة: وهي التي من أنواع الشرك: أن ينشر عنه بغير الطريق الأول بطريق السحر، فيحل السحر الأول بسحر آخر، وذكرنا أن السحر لا ينعقد أصلا إلا بأن يتقرب الساحر للجني، أو أن يكون الجني يخدم الساحر الذي يشرك بالله دائما.
كذلك حل السحر لا بد فيه من إزالة سببه وهو خدمة شياطين الجن للساحر. وهذا لا يمكن إلا للجن، فإن الساحر الثاني الذي ينشر السحر ويرفع السحر لا بد أن يستغيث أو أن يتوجه إلى بعض جنه في أن يرفع أولئك الجن الذين عقدوا هذا السحر أن يرفعوا أثره فعلى هذا لا يكون السحر من حيث العقد والابتداء إلا بالشرك بالله، ومن حيث الرفع والنشر لا يكون إلا بالشرك بالله- جل وعلا-؛ ولهذا قال الحسن:" لا يحل السحر إلا ساحر "(١) يعني: لا يحل السحر بغير الطريق الشرعية المعروفة إلا ساحر، فإذا جاء أحد وقال: أنا أحل السحر، قيل له: تستخدم القراءة والتلاوة والأدعية؟ فإذا قال:
(١) أخرجه ابن جرير في (التهذيب) كما في (فتح الباري) ١٠ / ٢٣٣.