للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: إنما بعثتك لأبتليك، وأبتلي بك» (١) . فحقيقة بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الابتلاء، والابتلاء يجب معه الصبر، والابتلاء الحاصل ببعثته بالأوامر والنواهي.

فالواجبات تحتاج إلى صبر، والمنهيات تحتاج إلى صبر، والأقدار الكونية تحتاج إلى صبر؛ ولهذا قال طائفة من أهل العلم: إن الصبر ثلاثة أقسام: صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على أقدار الله المؤلمة.

ولما كان الصبر على المصائب قليلا أفرد له الشيخ - رحمه الله - هذا الباب لبيان أنه من كمال التوحيد، ومن الواجب على العبد أن يصبر على أقدار الله؛ لأن تسخط العباد وعدم صبرهم، كثيرا ما يظهر في حال الابتلاء بالمصائب، فعقد هذا الباب لبيان أن الصبر واجب على أقدار الله المؤلمة، ونبه بذلك على أن الصبر على الطاعة واجب، وأن الصبر عن المعصية واجب.

وحقيقة الصبر في اللغة: الحبس، ومنه قولهم: قتل فلان صبرا، إذا حبس أو ربط فقتل من دون مبارزة ولا قتال. ويقال للصبر الشرعي إنه صبر؛ لأن فيه حبس اللسان عن التشكي، وحبس القلب عن السخط، وحبس الجوارح عن إظهار السخط من لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك، فحبس هذه الأشياء هو حقيقة الصبر، فالصبر إذًا في الشرع هو: حبس اللسان عن التشكي، وحبس القلب عن التسخط، وحبس الجوارح عن إظهار السخط بشق أو نحو ذلك.


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٥) ، وأحمد ٤ / ١٦٢.

<<  <   >  >>