للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

قال الإمام أحمد - رحمه الله -: ذكر الصبر في القرآن في أكثر من تسعين موضعا، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ لأن من لا صبر له على الطاعة، ولا صبر له عن المعصية، ولا صبر له على أقدار الله المؤلمة، فإنه يفوته أكثر الإيمان.

وقوله: " باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله " يعني: أن من خصال الإيمان بالله الصبر على أقدار الله، والإيمان له شعب، كما أن الكفر له شعب، فنبه بقوله: «من الإيمان بالله الصبر» على أن من شعب الإيمان الصبر، ونبه في الحديث الذي رواه مسلم على أن النياحة من شعب الكفر، فيقابل كل شعبة من شعب الكفر شعبة من شعب الإيمان، فالنياحة على الميت شعبة من شعب الكفر، يقابلها في شعب الإيمان الصبر على أقدار الله المؤلمة.

" وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: ١١] [التغابن: ١١] قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم " (١) . هذا تفسير من علقمة - أحد التابعين - لهذه الآية، وهو تفسير ظاهر الصحة والصواب؛ وذلك أن قوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] إنما ورد في سياق ذكر ابتلاء الله بالمصائب، فـ {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} [التغابن: ١١] يعني: يعظم الله - جل وعلا - ويمتثل أمره ويتجنب نهيه {يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] للصبر، و {يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] لعدم السخط، و {يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] للعبادات؛ ولهذا


(١) أخرجه ابن جرير في التفسير ٢٨ / ١٢٣، وأخرجه عبد الرزاق في التفسير ٣ / ٩٥.

<<  <   >  >>