للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

قال: " هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله " وهذا هو الإيمان بالله " فيرضى ويسلم "

والمصائب من القدر، والقدر راجع إلى حكمة الله - جل وعلا -، وحكمة الله - جل وعلا - هي وضع الأمور في مواضعها الموافقة للغايات المحمودة منها، فالحكمة بعامة مرتبطة بالغايات المحمودة من وضع الأمر في موضعه، فمن وضع الأمر في غير موضعه فقد ظلم، ومن وضع الأمر في موضعه عدل، وقد يكون غير حكيم، أي قد يكون عادلا ولكن غير حكيم، فإذا وضع الأمر في موضعه الموافق للغاية المحمودة منه فذاك هو الحكيم، والله - جل وعلا - منفي عنه الظلم ومثبت له كمال العدل سبحانه حيث يضع الأمور في مواضعها، ومثبت له - جل وعلا - كمال الحكمة حيث إن وضعه الأمور في مواضعها موافق للغايات المحمودة منها، فنعلم بذلك أن المصيبة إذا أصابت العبد فإن الخير له فيها، إما أن يصبر فيؤجر، وإما أن يتسخط فيؤزر على ذلك، وهذا في حق الخاسرين، فالله - جل وعلا - له الحكمة من الابتلاء بالمصائب؛ لهذا يجب على العبد أن يعلم أن ما جاء من عند الله هو قدر الله - جل وعلا - وقضاؤه الموافق لحكمته فيجب الصبر على ذلك.

قوله: " يعلم أنها من عند الله ": يعني: أن الله هو الذي أتى بها، وهو الذي أذن بها قدرا وكونا.

" فيرضى ويسلم ": الرضا بالمصيبة مستحب وليس بواجب؛ ولهذا يختلط على كثيرين الفرق بين الرضا والصبر، وتحرير المقام في ذلك: أن الصبر على المصائب واجب من الواجبات؛ لأن فيه ترك السخط على قضاء الله وقدره، والرضا له جهتان:

<<  <   >  >>