الجهة الأولى: راجعة إلى فعل الله - جل وعلا -، فيرضى بقدر الله الذي هو فعله، ويرضى بفعل الله، ويرضى بحكمة الله، ويرضى بما قسم الله - جل وعلا -، وهذا الرضا بفعل الله - جل وعلا - واجب من الواجبات، وتركه محرم ومناف لكمال التوحيد.
والجهة الثانية: الرضا بالمقضي، أي بالمصيبة في نفسها، فهذا مستحب، ليس واجبا على العباد أن يرضوا بالمرض، وأن يرضوا بفقد الولد، وأن يرضوا بفقد المال، لكن هذا مستحب وهو رتبة الخاصة من عباد الله، لكن الرضا بفعل الله - جل وعلا - بمعنى الرضا بقضاء الله من حيث هو واجب، أما الرضا بالمقضي فإنه مستحب؛ ولهذا قال علقمة هنا:" هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى " يعني: على قضاء الله " ويسلم " لعلمه أنها من عند الله - جل جلاله -، وهذا من خصال الإيمان.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اثنتان الناس هما بهم كفر» : يعني. خصلتان من شعب الكفر قائمتان في الناس، وستبقيان في الناس:«الطعن في النسب، والنياحة على الميت»(١) .
وجه الشاهد من هذا الحديث: قوله: " والنياحة على الميت " لأن النياحة مخالفة للصبر، والصبر الواجب فيه: حبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك، وحبس اللسان عن التشكي والعويل وهذا هو النياحة، فالنياحة من شعب الكفر؛ لأنها منافية للصبر.
(١) أخرجه مسلم (٦٧) ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٧٧ -٤٤١.