للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وكونها من شعب الكفر لا يدل على أن من قامت به فهو كافرٌ الكفر المطلق المخرج من الملة، بل يدل على أن من قامت به قامت به خصلة من خصال الكفار، وشعبة من شعب الكفر؛ ولهذا قال هنا: «اثنتان في الناس هما بهم كفر» فنكر كلمة " كفر "، والقاعدة في فهم ألفاظ الكفر التي تأتي في الكتاب والسنة: أن الكفر إذا أتى معرفا بالألف واللام فإن المراد به الكفر الأكبر، وإذا أتى منكرا - أي بدون الألف واللام - فإنه يدل على أن الخصلة تلك من شعب الكفر، ومن خصال أهل الكفر، وأن ذلك كفر أصغر كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (١) لأن ذلك من خصال الكفار، ونحو ذلك قوله: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (٢) هذا في الكفر الأصغر.

وأما الكفر المعرف بالألف واللام فالقاعدة التي حررها الأئمة كشيخ الإسلام وغيره: أنه إذا أتى فيراد به الكفر الأكبر، كقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (٣) .

" ولهما عن ابن مسعود مرفوعا: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (٤) دل هذا الحديث على أن من فعل هذه الأفعال فهو ليس من أهل الإيمان، وقد سبق بيان أن كلمة " ليس


(١) أخرجه البخاري (١٢١) و (٤٤٠٥) و (٦٨٦٩) و (٧٠٨٠) ، ومسلم (١١٨) .
(٢) أخرجه مسلم (٢٢١) .
(٣) أخرجه مسلم (١٣٤) .
(٤) أخرجه البخاري (١٢٩٤) و (١٢٩٧) ، ومسلم (١٠٣) ، وأحمد ١ / ٣٨٦.

<<  <   >  >>