{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}[هود: ١٥][هود: ١٥] فهؤلاء أرادوا الدنيا بكل عمل، وليس معهم من الإيمان والإسلام مصحح لأصل أعمالهم، فهؤلاء مخلدون في النار، أما الذي معه أصل الإيمان وأصل الإسلام الذي يصح به عمله، فهذا قد يحبط العمل بل يحبط عمله الذي أشرك فيه وأراد به الدنيا، وما عداه لا يحبط؛ لأن معه أصل الإيمان الذي يصحح العمل الذي لم يخالطه شرك.
فهذه الآية فيها وعيد شديد، وهذا الوعيد يشمل كما ذكرنا أربعة أصناف، وكما قال أهل العلم: إن العبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهي وإن كانت في الكفار، لكن لفظها يشمل من أراد الحياة الدنيا من غير الكفار.
" في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة» . . إلخ "(١) . وجه الشاهد من ذلك: أنه دعا على عبد الدينار، وعلى عبد الدرهم، وعلى عبد الخميصة. وعبد الدينار والدرهم هو الذي يعمل العمل لأجل الدينار، ولولا الدينار لما تحركت همته في العمل، لولا هذه الخميصة لما تحركت همته في العمل، فهو إنما عمل لأجل هذا الدينار، لأجل هذه الدنيا، وما فيها من الدرهم، والجاه والمكانة ونحو ذلك، وقد سماه النبي عليه الصلاة والسلام عابدا للدينار، فدل ذلك على أنه من الشرك؛ لأن