والعلماء وظيفتهم تبيين معاني ما أنزل الله - جل وعلا - على رسوله صلى الله عليه وسلم وليست وظيفتهم التي أذن لهم بها في الشرع أن يحللوا ما يشاءون، أو يحرموا ما يشاءون، بل وظيفتهم الاجتهاد في فقه النصوص، وأن يبينوا ما أحل الله وما حرم - جل وعلا -، فهم أدوات ووسائل لفهم نصوص الكتاب والسنة، ولذلك كانت طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله، يطاعون فيما فيه طاعة لله - جل وعلا - ولرسوله، وما كان من الأمور الاجتهادية فيطاعون، لأنهم هم أفقه بالنصوص من غيرهم، فتكون طاعة العلماء والأمراء من جهة الطاعة التبعية لله ولرسوله، أما الطاعة الاستقلالية فليست إلا لله - جل وعلا - حتى طاعة النبي عليه الصلاة والسلام إنما هي تبع لطاعة الله - جل وعلا - فإن الله هو الذي أذن بطاعته وهو الذي أمر بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى الشهادة له بأنه رسول الله، قال - جل وعلا - {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠][النساء: ٨٠] ، وقال - جل وعلا:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[النساء: ٦٤][النساء: ٦٤] .
فالطاعة الاستقلالية نوع من أنواع العبادة، فيجب إفراد الله - جل وعلا - بها، وغير الله - جل وعلا - إنما يطاع لأن الله - جل وعلا - أذن بطاعته، ويطاع فيما أذن الله به في طاعته، فالمخلوق لا يطاع في معصية الله؛ لأن الله لم يأذن أن يطاع مخلوق في معصية الخالق - جل وعلا - وإنما يطاع فيما أطاع الله - جل وعلا - فيه على النحو الذي يأتي.
فهذا الباب عقده الشيخ - رحمه الله - ليبين أن الطاعة من أنواع العبادة، بل إن الطاعة في التحليل وفي التحريم هي معنى اتخاذ الأرباب، كما قال الله