النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك، فقال: ما فرق هؤلاء؟!! يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه؟ " (١) هذا الرجل لما لم يعرف هذه الصفة انتفض؛ لأنه فهم من هذه الصفة المماثلة أو التشبيه، فخاف من تلك الصفة، والواجب على المسلم أنه إذا سمع صفة من صفات الله في كتاب الله أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجريها مجرى جميع الصفات، وهو أن إثبات الصفات لله - جل وعلا - إثبات بلا تكييف، وبلا تمثيل، فإثباتنا للصفات على وجه تنزيه الله - جل وعلا - عن المثيل والنظير في صفاته وأسمائه، فله من كل اسم وصفة أعلى وأعظم ما يشتمل عليه من المعنى؛ ولهذا قال ابن عباس هنا: " ما فرق هؤلاء؟ " يعني: ما سبب خوف هؤلاء؟ لماذا فرقوا؟ خافوا من هذه الصفة ومن إثباتها.
قوله: " يجدون رقة عند محكمه " يعني: إذا خوطبوا بالمحكم الذي يعرفون، وجدوا في قلوبهم رقة لذلك، والمحكم: هو ما يعلم، أي الذي يعلمه سامعه هذا هو المحكم.
قوله: " ويهلكون عند متشابهه " فإذا سمعوا في الكتاب أو السنة شيئا لا تعقله عقولهم هلكوا عنده، وخافوا، وفرقوا، وأولوا، ونفوا أو جحدوا، وهذا من أسباب الضلال.
والمتشابه: الذي يشتبه علمه على سامعه.
والقرآن والعلم والشريعة كلها محكمة، وكلها متشابهة، ومنها محكم، ومنها متشابه، فهذه ثلاثة أقسام:
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٠٨٩٥) ، وابن أبي عاصم في السنة (٤٨٥) .