مرتبة السبب ثانية ولا يجعلها هي الأولى الوحيدة؛ لأن الله - جل وعلا - هو المسدي للنعم المفضل بها.
قوله:" لولا فلان لم يكن كذا " إنما قال هنا: " فلان " من جهة كثرة الاستعمال، أما في الواقع فإن الناس يستعملونها فيما يتعلقون به من جمادات، كبيت، أو سيارة، أو طيارة، أو بقعة، أو مطر، أو ماء، أو سحاب، أو هواء، ونحو ذلك، فنسبة النعمة إلى إنسان، أو إلى بقعة، أو إلى فعل فاعل، أو إلى صنعة، أو إلى مخلوق، كل ذلك من نسبة النعم إلى غير الله، وهو نوع من أنواع الشرك في اللفظ وهو من الشرك الأصغر بالله - جل وعلا - كما سيأتي في الباب بعده إن شاء الله.
وقال ابن قتيبة: يقولون: هذا بشفاعة آلهتنا " يعني: إذا حصلت لهم نعمة، أو جاءتهم أمطار، أو مال، أو نجحوا في تجارتهم، إذا حصل لهم ذلك توجهوا للأولياء، أو توجهوا للأنبياء، أو توجهوا للأصنام، أو للأوثان، فصرفوا لها شيئا من العبادة فقالوا: الآلهة شفعت لنا فلذلك جاءنا هذا الخير، فيتذكرون آلهتهم وينسون أن المتفضل بذلك هو الله - جل وعلا - وأن الله سبحانه لا يقبل شفاعة شركية من تلك الشفاعات التي يذكرونها.
" وقال أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: «وإن الله تعالى قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. . .» الحديث، وقد تقدم: وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره، ويشرك به. قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقا، ونحو ذلك مما هو جار على