للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

النعم إليه، أما العبد فليس مستحقا في الدنيا بحق واجب على الله- جل وعلا - إلا ما أوجبه الله -جل وعلا- على نفسه.

ومثل قول القائل: هذا بعملي، وأنا محقوق به، - بعد أن أتته رحمة من بعد ضراء- مثل هذا القول يكثر في ألفاظ الناس، كقول الطبيب مثلا: هذا الذي حصل من شفاء المريض بسببي، أو نجاحي، ونيلي لهذا الأمر إنما بسبب جهدي، وبسبب تعبي، ونحو ذلك مما يجعل إنعام الله -جل وعلا- على العبد بذلك بسبب استحقاقه، أو أن ينسى الله -جل وعلا- وينسب الأشياء إلى نفسه؛ ولهذا قال: " قال ابن عباس: يريد من عندي ": أي أنا الذي أتيت بهذا المال أو بهذه النعمة وهذا من عندي، ولم يتفضل علي به.

فيدخل في هذا الوصف الذي جاء في الآية نوعان من الناس: من ينسب الشيء إلى نفسه، ولا ينسبه إلى الله -جل وعلا- أصلا، والثاني: أن ينسبه إلى الله تعالى، لكن يرى نفسه مستحقا لذلك الشيء على الله -جل وعلا- كما يحصل من بعض المغرورين أنه إذا أطاع الله واتقاه، وحصلت له نعمة قال: حصلت لي هذه النعمة من جراء استحقاقي لها، فأنا العابد لله -جل وعلا- ولا يستحضر أن الله- جل وعلا- يرحم عباده ولو حاسبه على عمله لم تقم عباداته وعمله بنعمة من النعم التي أسداها الله -جل وعلا- له.

فالواجب -إذًا- على العبد أن ينسب النعم جميعا لله، وأن يشعر بأنه لا يستحق شيئا على الله، وإنما الله هو المستحق للعبودية، وهو المستحق للشكر، وهو المستحق للإجلال، والعبد فقير مذنب مهما بلغ. وانظر إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه كيف علمه النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول في، آخر

<<  <   >  >>