للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

خبير بإدارة الأموال، وأنا أفهم في التجارة، وأنا عندي علم بوجوه المكاسب، ونحو ذلك، وينسى أن الله -جل وعلا- هو الذي تفضل، ولو منع الله السبب الذي فعله من التأثير لم يصر شيئا، فالله -جل وعلا- هو الذي تفضل عليه، وهو الذي وفقه وهو الذي هداه للفكرة، وهو الذي جعل السبب مؤثرا، فالله هو المنعم ابتداء وهو المنعم ختاما، فالواجب إذًا أن يتخلص العبد من رؤية نفسه وأن يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ويكثر من قولها، فإنها كنز من كنوز الجنة.

فهذا الباب معقود كما ذكرنا لتخليص القلب واللسان من ألفاظ واعتقادات باطلة، يظن المرء فيها أنه مستحق أشياء على الله -جل وعلا- والتوحيد هو أن يكون العبد ذليلا خاضعا بين يدي الله، يعلم أنه لا يستحق شيئا على الله -جل وعلا- وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء.

" وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل ": وهذا يشمل أحد النوعين اللذين ذكرتهما. " وهذا معنى قول مجاهد: أوتيته على شرف ".

ثم ساق حديث أبي هريرة الطويل، والدلالة منه ظاهرة: وأن الله- جل وعلا- عافى هؤلاء الثلاثة في أبدانهم، ورزقهم من فضله، ثم نسب اثنان منهم النعمة إلى أنفسهم، وثالث نسبها إلى الله، فجزى الله الأخير خيرا، وأدام عليه النعمة، ورضي عنه، وعاقب الآخرين، وسخط عليهما، وهذا فضل الله ينعم ثم يثبت النعمة فيمن يشاء، ويصرفها عمن يشاء، ومن أسباب ثبات النعمة أن يعظم العبد ربه، وأن يعلم أن الفضل بيد الله، وأن النعمة هي نعمة الله.

<<  <   >  >>