للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

بعض أهل التفسير من المتأخرين، وهو أن آدم وحواء جعلا لله شركاء، وهذا نص الآية لا يمنع؛ لأن التشريك هنا تشريك فيما يدل عليه المعنى اللغوي، وليس شركا أصغر، ولا شركا أعظم، وحاشاهما من ذلك، وإنما هو تشريك في الطاعة، كما قال -جل وعلا- {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} [الفرقان: ٤٣] [الفرقان: ٤٣] وكما قال أيضا في الآية الأخرى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: ٢٣] [الجاثية: ٢٣] فكل من جعل هواه متبعا فقد جعله مطاعا، وهذا نوع تأليه، لكن لا يقال: عبد غير الله، أو أله غير الله، أو أشرك بالله -جل وعلا- لكن هو نوع تشريك، فكل طاعة للشيطان أو للهوى فيها هذا النوع من التشريك، إذ الواجب على العبد أن يعظم الله -جل وعلا- وأن لا يطيع إلا أمره -جل وعلا- وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

فظهر بهذا التقرير أن هذه القصة لا تقتضي نقصا في مقام آدم عليه السلام ولا في مقام حواء، بل هو ذنب من الذنوب، تابا منه، كما حصل لهما أول مرة في الأكل من الشجرة، بل إن أكلهما من الشجرة ومخالفة أمر الله -جل وعلا- أعظم من هذا الذي حصل منهما هنا، وهو تسمية الولد عبد الحارث، وذلك أن الخطاب الأول كان من الله -جل وعلا- لآدم مباشرة، خاطبه الله -جل وعلا- ونهاه عن أكل هذه الشجرة، وهذا خطاب متوجه إلى آدم بنفسه، وأما هذه التسمية فإنه لم ينه عنها مباشرة، وإنما يفهم النهي عنها من وجوب حق الله -جل وعلا-، فذاك المقام زاد على هذا المقام من

<<  <   >  >>