للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

أطاعا الشيطان من قبل، حيث أمرهما بأن يأكلا من الشجرة التي نهاهما الله -جل وعلا- عنها، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خدعهما مرتين» (١) وهذا هو المعروف عند السلف، فيكون إذًا قوله: {شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: ١٩٠] من جهة التشريك في الطاعة، ومعلوم أن كل عاص مطيع للشيطان، وكل معصية لا تصدر من العبد إلا وثم نوع تشريك حصل في الطاعة؛ لأنه إما أن يطيع هواه، وإما أن يطيع الشيطان؛ ولهذا قال شيخ الإسلام وغيره من المحققين: إنه ما من معصية يعصي بها العبد ربه إلا وسببها طاعة الشيطان أو طاعة الهوى، وذلك نوع تشريك، وهذا هو الذي حصل من آدم وحواء عليهما السلام، وهو لا يقتضي نقصا في مقامهما، ولا يقتضي شركا بالله -جل وعلا- وإنما هو نوع تشريك في الطاعة. والمعاصي الصغار جائزة على الأنبياء، كما هو معلوم عند أهل العلم، فإن آدم نبي مكلم، وصغار الذنوب جائزة على الأنبياء، ولا تقدح في كمالهم؛ لأنهم لا يستقيمون عليها، بل يسرعون وينيبون إلى الله -جل وعلا- ويكون حالهم بعد ما وقع منهم ذاك أعظم من حالهم قبل أن يقع منهم ذلك؛ لأنه يكون لهم مقامات إيمانية واعتراف بالعبودية أعظم، وذل وخضوع أكبر بين يدي الله -جل وعلا-، ومعرفة أكمل بتحقيق ما يجب لله -جل وعلا- وما يستحب.

فهذه القصة -كما ذكرنا- صحيحة، وآثار السلف الكثيرة تدل عليها، وسياق الآيات في آخر سورة الأعراف يدل عليها، والإشكال الذي أورده


(١) انظر: تفسير القرطبي ٧ / ٣٣٨.

<<  <   >  >>