للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

والثاني: ما قاله آخرون من أهل العلم: أن قول القائل: السلام عليكم ورحمة الله، يعني: السلامة التي اشتمل عليها اسم (السلام) عليكم، نسأل الله أن يفيضها عليكم، أو أن يكون المعنى: كل سلامة عليكم مني، فإنك لن تجد مني إلا السلامة، وهذا يصدق حين تنكر فتقول: سلام عليكم ورحمه الله وبركاته، يعني: كل سلامة مني ستأتيك، فلن أخفرك في عرضك، ولن أخفرك في مالك، ولن أخفرك في نفسك، وكثير من المسلمين يقول هذه الكلمة وهو لا يعي معناها، لأنه حين قال لمن أتاه: السلام عليكم، كأنه عاهده بأنه لن يأتيه منه إلا السلامة، ثم هو يخفر هذه الذمة، وربما أضره، أو تناول عرضه، أو تناول ماله، أو نحو ذلك.

فهذا فيه التنبيه على فائدة مهمة، وهي أنه ينبغي لكل طالب العلم، بل كل عاقل بعامة إذا نطق بكلام أن يتبين ما معنى هذا الكلام، فكونه يستعمل كلاما لا يعي معناه، هذا من العيب، إذ ليس من أخلاق الرجال أصلا أن يتكلموا بكلام لا يعون معناه، فيأتي بكلام ثم ينقضه في فعله أو في قوله، هذا ليس من أفعال الذين يعقلون، فضلا أن يكون من أفعال أهل العلم، أو طلبة العلم الذين يعون عن الله- جل وعلا- شرعه ودينه.

والصواب أن قول القائل: السلام عليكم، يشمل المعنيين الأول والثاني، فهو تبرك بكل اسم من أسماء الله، وتبرك باسم الله (السلام) الذي من آثاره السلامة عليك في دينك ودنياك، فهو دعاء لك بالسلامة في الدين، وفي الدنيا، وفي الأعضاء، والصفات، والجوارح، إلى آخر ذلك.

الشرح: حقيقة التوحيد أن يوحد العبد ربه- جل وعلا- بتمام الذل والخضوع والمحبة، وأن يتضرع إلى الله- جل وعلا- ويتذلل إليه بإظهار فقره التام إليه،

<<  <   >  >>