للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وأن الله- جل وعلا- هو الغني عما سواه، وقول القائل: «اللهم اغفر لي إن شئت» يفهم منه أنه مستغن عن أن يغفر له، كما يأتي العزيز أو المتكبر من الناس فيقول لآخر لا يريد أن يتذلل له: افعل هذا إن شئت، يعني: إن فعلت ذلك فحسن، وإن لم تفعل فلست بملح عليك، ولست بذي إكرام، فهذا القول مناف لحاجة الذي قالها إلى الآخر ولهذا كان فيه عدم تحقيق للتوحيد، ومنافاة لما يجب على العبد في جناب ربويية الله- جل وعلا- من أن يظهر فاقته وحاجته لربه، وأنه لا غنى به عن مغفرة الله، وعن غنى الله، وعن عفوه، وكرمه وإفضاله، ونعمه طرفة عين، فقول القائل: «اللهم اغفر لي إن شئت» كأنه يقول: لست محتاجا، إن شئت فاغفر، وإن لم تشأ فلست بمحتاج، وهذا فعل أهل التكبر، وأهل الإعراض عن الله- جل وعلا-، ولهذا حرم هذا اللفظ، وهو أن يقول أحد: «اللهم اغفر لي إن شئت» ؛ للحديث الذي ساقه المؤلف، فقال: " في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له» . ولمسلم: «وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه» .

قوله: «ليعزم المسألة» : يعني: ليسأل سؤال عازم، سؤال محتاج، سؤال متذلل، لا سؤال مستغن مستكبر، فليعزم المسألة، وليسأل سؤال جاد محتاج متذلل فقير يحتاج إلى أن يعطى ذلك، والذي سأل سأل أعظم المسائل، وهي المغفرة والرحمة من الله- جل وعلا- فيجب عليه أن يعظم هذه المسألة، ويعظم الرغبة وأن يعزم المسألة.

<<  <   >  >>