للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

قوله: «فإن الله لا مكره له» أي: لا أحد يكرهه لتمام غناه، وتمام عزته وقهره وجبروته، وتمام كونه مقيتا سبحانه وتعالى، وهذا من آثار الأسماء والصفات.

ولهذا لا يجوز قي الدعاء أن يواجه العبد ربه بهذا القول: «اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت» ، وهذا واضح ظاهر في الدعاء الذي فيه المخاطبة، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن هذا يتقيد بالدعاء الذي فيه خطاب، أما الدعاء الذي ليس فيه خطاب فيكون التعليق بالمشيئة ليس تعليقا؛ لأجل عدم الحاجة، أو منبئا عن عدم الحاجة كهذا الدعاء، بل هو للتبرك كمن يقول: رحمه الله إن شاء الله، أو غفر الله له إن شاء الله، أو الله يعطيه من المال كذا وكذا إن شاء الله، ونحو ذلك، فهذا قالوا: لا يدخل في هذا النوع، لأنه ليس على وجه الخطاب، وليس على وجه الاستغناء، ولكن الأدب يقتضي ألا يستعمل هذه العبارة في الدعاء مطلقا؛ لأنها وإن كانت ليست بمواجهة فإنها داخلة في تعليق الدعاء بالمشيئة، والله- جل وعلا- لا مكره له، فعموم المعنى المستفاد من قوله: «فإن الله لا مكره له» عموم هذا التعليل يشمل هذا وهذا، فلا شك أن قول «اللهم اغفر لي إن شئت» أعظم ولكن القول الآخر داخل أيضا في علة النهي ومعنى النهي؛ ولهذا لا يسوغ استعماله.

وقول النبي عليه الصلاة والسلام لمن عاده وقد أصابته الحمى- كما رواه البخاري ومسلم وغيرهما-: «طهور إن شاء الله» قال: بل هي حمى تفور. . إلخ كلامه (١) هذا ليس فيه دعاء، وإنما هو من جهة الخبر، قال: يكون طهورا إن شاء الله، فهو ليس بدعاء، وإنما هو خبر، فافترق عن أصل المسألة.


(١) أخرجه البخاري (٣٦١٦) ، ولم يروه مسلم رحمه الله.

<<  <   >  >>