قوله:«ومن دعاكم فأجيبوه» عامة أهل العلم على أن هذا مخصوص بدعوة العرس، وأما سائر الدعوات فهي على الاستحباب.
قوله:«ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه» من صنع إليك معروفا فكافئه، ولتكن مكافأته من جنس معروفه، إن كان معروفه من جهة المال فكافئه من جهة المال، وإن كان معروفه من جهة الجاه فكافئه من جهة الجاه، وهكذا.
وعلاقة هذا بالتوحيد كما قال المحققون: أن الذي صنع له معروف يكون في قلبه ميل ونوع تذلل وخضوع في قلبه واسترواح لهذا الذي صنع إليه المعروف، ومعلوم أن تحقيق التوحيد لا يتم إلا بأن يكون القلب خاليا من كل ما سوى الله- جل جلاله- وأن يكون ذله وخضوعه وعرفانه بالجميل هو لله - جل وعلا- وتخليص القلب من ذلك يكون بالمكافأة على المعروف، وأنه إذا أدى إليك معروفا فخلص القلب من رؤية ذلك المعروف بأن ترد إليه معروفه؛ ولهذا قال:«فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» ، لأجل أن يتخلص القلب من أثر ذلك المعروف، فترى أنك دعوت له بقدر ترجو معه أنك قد كافأته، وهذا لتخليص القلب مما سوى الله- جل وعلا- وهذه مقامات لا يدركها إلا أرباب الإخلاص، وتحقيق التوحيد جعلنا الله وإياكم منهم.
الشرح: هذا باب: «لا يسأل بوجه الله إلا الجنة» ومناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة: في أن تعظيم صفات الله- جل وعلا- الذاتية والفعلية من تحقيق التوحيد، ومن كمال الأدب والتعظيم لله- جل وعلا-، فإن تعظيم الله- جل جلاله- وتعظيم أسمائه وصفاته يكون بأمور كثيرة، منها: ألا يسأل بوجه الله أو بصفات الله- جل جلاله- إلا المطالب العظيمة التي أعلاها الجنة.