قوله:«لا يسأل» هذا نفي مضمن النهي المؤكد، كأنه قال: لا يسأل أحد بوجه الله إلا الجنة، أو لا تسأل بوجه الله إلا الجنة، فعدل عن النهي إلى النفي لكي يتضمن أن هذا منهي عنه وأنه لا يسوغ وقوعه أصلا لما يجب من تعظيم الله- جل جلاله- وتعظيم توحيده، وتعظيم أسماء الله- جل وعلا- وصفاته.
قوله:«بوجه الله» وجه الله- جل جلاله- صفة ذات من صفاته سبحانه، وهو غير الذات. والوجه في اللغة: ما يواجه به، وهو مجمع أكثر الصفات في اللغة، فالله- جل وعلا- متصف بالوجه على ما يليق بجلاله وعظمته، نثبت ذلك إثباتا نعلم أصل المعنى، ولكن كمال المعنى أو الكيفية فإننا نكل ذلك إلى عالمه وإلى المتصف به- جل جلاله- ولكن نثبت على أصل عدم التمثيل والتعطيل، كما قال- جل وعلا-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١][الشورى: ١١] .
قوله:«إلا الجنة» الجنة: هي دار الكرامة التي أعدها الله- جل وعلا- للمكلفين من عباده الذين أجابوا رسله، ووحدوه، وعملوا صالحا، وهي أعظم مطلوب لأن الحصول عليها حصول على أعظم ما يسر به العبد؛ فلهذا كان من غير السائغ واللائق بل كان من غير الجائز أن يسأل الله- جل وعلا- بنفسه أو بوجهه أو بصفة من صفاته أو باسم من أسمائه الحسنى إلا أعظم مطلوب، فإن الله- جل جلاله- لا يسأل بصفاته الأشياء الحقيرة الوضيعة؛ بل يسأل بها أعظم المطلوب، وذلك لكي يتناسب السؤال مع وسيلة السؤال، وهذا معنى هذا الباب، وهو أن من تعظيم صفات الله- جل