{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}[آل عمران: ١٥٤] ؛ فلهذا كان كل ما يحصل من الرب - جل وعلا - في بريته موافقا لقدره السابق الذي هو دليل كمال حكمته، وعلمه، وخلقه، وعموم مشيئته.
أما التفسير الثاني: فهو إنكار الحكمة، وحكمة الله - جل وعلا - ثابتة بالكتاب والسنة وبإجماع السلف، واسم الله (الحكيم) مشتمل على صفة الحكمة، فإنه - جل وعلا - حكيم، بمعنى: حاكم، وحكيم، بمعنى: محكم للأمور، وحكيم، بمعنى: أنه ذو الحكمة البالغة، فهذه ثلاثة تفسيرات لاسم الله (الحكيم) . وكلها صحيحة، وكلها يستحقها الله - جل وعلا -، فإنه - جل وعلا - حكيم بمعنى حاكم، وحكيم بمعنى محكم، كما قال:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}[هود: ١][هود: ١] ، وقال:{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}[الملك: ٣][الملك: ٣] ؛ لأجل إحكامه، وقال سبحانه وتعالى - أيضا:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[يونس: ١٠١][يونس: ١٠١] ، ونحو ذلك من دليل إحكامه - جل وعلا - لما خلق، والثالث: أنه ذو الحكمة، والحكمة في صفة الله - جل وعلا - تفسر كما تقدم - بأنها وضع الأمور في مواضعها، الموافقة للغايات المحمودة منها؛ ولهذا قال أهل السنة والجماعة، أهل الأثر الفقهاء بالكتاب والسنة: إن أفعال الله - جل وعلا - معللة، وكل فعل يفعله الله - جل وعلا - فله علة من أجلها فعل، وهذه العلة هي حكمته سبحانه وتعالى، فإن أفعال الله - جل وعلا - منوطة بالعلل، وهذا أنكره المعتزلة؛ لأنهم قدرية، وأنكره الأشاعرة؛ لأنهم جبرية، فقالوا: إن أفعال الله - جل وعلا - ليست مرتبطة بالحكم، وهو يفعل لا عن حكمة، وهذا سوء ظن بالله - جل وعلا -؛