ولهذا أورد الشيخ - رحمه الله - هذا الباب ليبين أن تحقيق التوحيد، وتحقيق كمال التوحيد أن توقن بالحكمة البالغة لله - جل وعلا -، ومن نفى الحكمة في أفعال الله فهو مبتدع، توحيده قد انتفى عنه كماله؛ لأن بدعته شنيعة، وكل البدع تنفي كمال التوحيد، ومنها ما ينفي أصل التوحيد.
والتفسير الثالث - في ظن أهل الجاهلية وأهل النفاق ظن السوء بالله - جل وعلا -: أن الله - جل وعلا - لا ينصر رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن الله - جل وعلا - لا ينصر كتابه، أو أنه يجعل رسوله أو دينه في اضمحلال حتى يذهب ذلك الدين، هذا ظن سوء بالله - جل وعلا -. ولهذا كان من براهين النبوات عند أهل السنة: أنه لم يدع أحد النبوة وهو كاذب في دعواه، إلا ويخذل ويضمحل أمره، ومن براهينها: أن كل نبي قال إنه مرسل من عند الله - جل وعلا - أيد بالآيات والبينات، ونصر على عدوه، وجعل دينه وأهل دينه في عزة على من سواهم، كما قال - جل وعلا -: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١][غافر: ٥١] ، وقال - جل وعلا -: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ - إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ - وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات: ١٧١ - ١٧٣][الصافات: ١٧١ - ١٧٣] ، فظن أهل الجاهلية أن الخير أو الدين سيضمحل، وأنهم إذا بذلوا إطفاء ذلك الأمر وحاربوه بكل ما أوتوا من وسيلة وقاوموهم فإنه سينتهي، وهذا مع كونه عملا محرما لما يشتمل عليه من الظلم، فإنه أيضا سوء ظن بالله - جل وعلا - وغرور بالقوة وبالنفس، والله - جل وعلا - ناصر رسله، والله - جل وعلا - ناصر عباده المؤمنين، ولكن