قد يبتلي الله - جل وعلا - المؤمنين بعدم النصرة والظهور زمنا طويلا قد يبلغ مئات السنين، كما حصل في قصة نوح عليه السلام:{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}[العنكبوت: ١٤][العنكبوت: ١٤] ، ثم بعد ذلك نصره الله - جل وعلا - وهذا الظن السيئ يحصل - كما ذكر ابن القيم - من كثير من أهل الصلاح، بل من كثير من الناس، بل قد يحصل من بعض المنتسبين إلى العلم، وسبب حدوث ذلك الظن السيئ في القلوب عدم العلم بما يستحقه الله - جل وعلا - وما أوجبه - جل وعلا - من الصبر والأناة، ونحو ذلك من الواجبات.
فالمسألة متصل بعضها ببعض، فالذي يخالف ما أمر الله - جل وعلا - به شرعا فيما يتصل بنصرة الدين، فإنه قد يقع في سوء ظن بالله - جل جلاله - وهذا مما ينافي كمال التوحيد الواجب.
ولهذا يجب على المؤمن أن يتحرز كثيرا، وأن يحترس من سوء الظن بالله - جل وعلا - فإن بعض الناس قد ينال الشيء فيرى أنه يستحق أكثر منه، وقد يحصل له الشيء بقضاء الله وبقدره فيظن أنه لا يستحق ذلك الشيء، أو أن الذي ينبغي أن يصاب به هو غيره، فينظر إلى فعل الله - جل وعلا - وقضائه وقدره على وجه الاتهام، وقل من يسلم باطنا وظاهرا من ذلك، فكثيرون قد يسلمون ظاهرا، ولكن في الباطن يقوم بقلوبهم ظن الجاهلية، واعتقاد السوء؛ ولهذا قال - جل وعلا - في الآية التي في صدر الباب:{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ}[آل عمران: ١٥٤] والظن محله القلب؛ فلهذا يجب على المؤمن أن يخلص قلبه من كل ظن بالله غير الحق، وأن يتعلم أسماء الله - جل وعلا - وصفاته، وأن