الكمال فيه والمستحب أن يخلص الموحد لسانه وقلبه من كثرة الحلف في الإكرام ونحوه بلغو اليمين.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة؛ وهي أن: تحقيق التوحيد وكمال التوحيد لا يجامع كثرة الحلف، فكثرة الحلف منافية لكمال التوحيد، والحلف - كما ذكرنا - هو تأكيد الأمر بمعظم، وهو الله - جل جلاله. فمن أكد وعقد اليمين بالله - جل وعلا - وأكثر من ذلك، فإنه لا يكون معظما لله - جل جلاله، إذ الله - سبحانه وتعالى - يجب أن يصان اسمه، ويصان الحلف به واليمين به إلا عند الحاجة إليها، أما كثرة ذلك وكثرة مجيئه على اللسان، فهو ليس من صفة أهل الصلاح؛ ولهذا أمر الله - جل وعلا - بحفظ اليمين، فقال:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[المائدة: ٨٩][المائدة: ٨٩] ، وهذا الأمر للوجوب؛ لأنه وسيلة لتحقيق تعظيم الله - جل وعلا - وتحقيق كمال التوحيد، فقوله:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[المائدة: ٨٩] هذا إيجاب لأن يحفظ العبد يمينه، فلا يحلف عاقدا اليمين إلا على أمر شرعي بين، أما أن يحلف دائما، ويجعل الله - جل وعلا - في يمينه، فهذا ليس من تعظيم أسماء الله - جل جلاله.
" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب» : وسبب ذلك أنه نوع عقوبة، فإن هذا الذي يبيع بالحلف فإنه تنفق سلعته، ولكن كسبه يمحق؛ لأن محق الكسب يكون نوع عقوبة لأجل أنه لم يفعل الواجب من تعظيم الله - جل وعلا -.
" وعن سلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: أشيمط زان» : يعني من شمطه الشيب إذا