خالطه، وقلبه متعلق بالزنى - والعياذ بالله - فإنه ليس عنده من الدواعي للزنى ما يجعله يقبل عليه، كحال من كان شابا، فهو قد وخطه الشيب، فيكون إذا في قلبه حب المعصية، وليست مسألة غلبة الشهوة؛ ولهذا كان من أهل هذا الوعيد العظيم بألا يكلمه الله، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
«وعائل مستكبر» : هذا النوع الثاني - وهو من جنس الأول - فإن الاستكبار - كما قال العلماء - يكون استكبارا في الذات، ويكون استكبارا للصفات.
فإذا كان استكبارا للصفات فهذا محرم، ولكنه أهون كمن يكون ذا جاه ورفعة، فيتكبر لأجل ما له من الجاه والرفعة، فهذا لا يجوز، لكن عنده ما يوقع في قلبه الشبهة والفتنة بالتكبر أو الاستكبار، أو يكون ذا مال، أو يكون ذا جمال، أو يكون ذا سمعة، ونحو ذلك، فعنده سبب يجعله يتكبر، وهذا يكثر في أهل الغنى، فإن كثيرا من أهل الغنى يكون عندهم نوع تكبر على الفقراء، أو من ليس من أهل الغنى، فهذا عنده وصف جعله يتكبر، لكن الأعظم أن يكون تكبره في الذات بألا يكون عنده صفة تجعله متكبرا، وهذا هو النوع الأول، وهو استكبار للذات يرى نفسه كبيرا، ويتعاظم، وهو ليس عنده شيء من الصفات تجعله كذلك، فهذا يكون فعله كبيرة من الكبائر العظيمة، ويدخل في هذا الحديث:«وعائل مستكبر» ؛ لأن العائل - وهو الفقير الكثير العيال - ليس عنده من الصفات ما يكون الاستكبار شبهة عنده، أو لأجل تلك الصفات، أو يكون ثم فتنة عنده، إلا لما قام في نفسه الخبيثة من الكبر.