بالعقاب الذي جاء في مثل هذا الحديث، فهذا يتألى على الله - جل وعلا - أن يحكم بما اختاره هو من الحكم، فيقول: والله لا يحصل لفلان كذا، تكبرا واحتقارا للآخرين، فيريد أن يجعل حكم الله كحكمه تأليا واستكبارا على الله أن يفعل الله - جل وعلا - ما ظنه هو، فهذا التألي والاستكبار نوع تحكم في أمر الله - جل وعلا - وفي فعله، وهذا لا يصدر من قلب معظم لله - جل وعلا.
والجهة الثانية: أن يقسم على الله - جل جلاله - لا على جهة التألي، ولكن على جهة أن ما ظنه صحيح في أمر وقع له، أو في أمر يواجهه، فهذا يقسم على الله أن يكون كذا في المستقبل على جهة التذلل والخضوع لله لا على جهة التألي، وهذا هو الذي جاء فيه الحديث:«ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»(١) ؛ لأنه أقسم على الله، لا على جهة التعاظم والتكبر والتألي، ولكن على جهة الحاجة والافتقار إلى الله، فحين أقسم أقسم محتاجا إلى الله، وأكد ذلك بالله وبأسمائه من جهة ظنه الحسن بالله - جل وعلا - فهذا جائز، ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبره؛ لأنه قام في قلبه من العبودية لله والذل والخضوع ما جعل الله - جل وعلا - يجيبه في سؤاله، ويعطيه طلبته ورغبته.
وأما الحال الأولى فهي حال المتكبر المترفع الذي يظن أنه بلغ مقاما بحيث يكون فعل الله - جل وعلا - تبعا لفعله، فتكبر واحتقر غيره، فبهذا التفصيل يتضح ما جاء في هذا الباب من الحديث.
عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله - عز وجل: من ذا الذي يتألى