علي أن لا أغفر لفلان؟» : هذا الذي قال: والله لا يغفر الله لفلان، كان رجلا صالحا، والآخر كان رجلا فاسقا، فقال الرجل الصالح: والله لا يغفر الله لفلان؛ لأن فلانا هذا كان رجلا فاسقا مريدا كثير العصيان، فتألى هذا العابد وعظيم نفسه، وظن أنه بعبادته لله - جل وعلا - بلغ مقاما يكون متحكما فيه بأفعال الله، وأن الله لا يرد شيئا طلبه، أو له أن يتحكم في الخلق، وهذا ينافي حقيقة العبودية التي هي التذلل لله - جل وعلا - فالله - سبحانه وتعالى - عاقبه، فقال:«من ذا الذي يتألى علي؟» يعني: يتعاظم ويتكبر علي ويحلف علي؛ لأن " يتألى " من الألية، وهي: الحلف، ومنه قوله تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ٢٢٦][البقرة: ٢٢٦] ، والإيلاء من الألية وهي: الحلف، فيتألى، يعني: يحلف على جهة التكبر والتعاظم.
«ألا أغفر لفلان، إني قد غفرت له وأحبطت عملك» : فغفر للطالح، وأحبط عمل ذلك الرجل العابد، وهذا يبين لك عظم شأن مخالفة تعظيم الله - جل جلاله - وعظم مخالفة توحيد الله - سبحانه وتعالى - فهذا الرجل الفاسق أتاه خير من حيث لا يشعر، وقيلت في حقه كلمة بحسب الظاهر أنها مؤذية له، وأن فيها من الاحتقار والازدراء له ما يجعله في ضعة بين الناس، حيث شهد عليه هذا الصالح بقوله:«والله لا يغفر الله لفلان» ، فكانت هذه الكلمة التي ساءته وآذته فيها مصلحة عظيمة له بأن غفر له ذنبه؛ ولهذا نبه الشيخ في مسائل الباب بمسألة معناها: أن من الابتلاء والإيذاء