" عن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال: «انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أنت سيدنا، فقال: " السيد الله تبارك وتعالى "، قلنا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: (قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان» رواه أبو داود بسند جيد ". في هذا الحديث أن إطلاق لفظ السيد على البشر مكروه، ومخاطبته بذلك يجب سدها، فلا يخاطب أحد بأن يقال له: أنت سيدنا على جهة الجمع، وذلك لأن فيها نوع تعظيم من جهة المخاطبة، يعني: الخطاب المباشر، والجهة الثانية من جهة استعمال اللفظ، والنبي - عليه الصلاة والسلام - سيد كما قال عن نفسه:«أنا سيد ولد آدم ولا فخر»(١) ولكن مخاطبته - عليه الصلاة والسلام - مع كونه سيدا كرهها ومنع منها، لئلا تؤدي إلى ما هو أعظم من ذلك، من تعظيمه والغلو فيه عليه الصلاة والسلام، فهذه مناسبة الحديث لهذا الباب: أن في قوله عليه الصلاة والسلام: «السيد الله تبارك وتعالى» مع كونه عليه الصلاة والسلام سيد ولد آدم، ما يفيد أنه عليه الصلاة والسلام حمى حمى التوحيد، وسد الطرق الموصله للشرك، ومنها طريق الغلو في الألفاظ.
والقول للرجل بأنه سيد ونحو ذلك إذا كان على وجه المخاطبة له، والإضافة إلى الجمع، أشد وأعظم مما إذا كان بدون المخاطبة والإضافة إلى الجمع. ومما ذكر العلماء: أن قوله عليه الصلاة والسلام: «السيد الله تبارك وتعالى» يدل على أنه يكره كراهة شديدة أن يقال لبشر: إنه " السيد " هكذا
(١) أخرجه أحمد ٢ / ٥٤١ من حديث أبي سعيد الخدري وابن ماجه (٤٣٠٨) .