الصغر أمام الكرسي، ولهذا مثل النبي - عليه الصلاة والسلام - السماوات السبع في الكرسي الذي هو فوق ذلك، وهو أكبر بكثير من السماوات بقوله:«إن السماوات السبع كدراهم سبعة ألقيت في ترس» يعني: هذه السماوات صغيرة جدا بالنسبة إلى الكرسي، بل كدراهم سبعة ألقيت في ترس، والترس مكتنفها متقوس عليها، فهي صغيرة فيه وهو واسعها كما قال - جل وعلا - عن الكرسي:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}[البقرة: ٢٥٥][البقرة: ٢٥٥] ، فالأرض التي أنت فيها نقطة صغيرة جدا بالنسبة إلى السماء، والأرض والسماوات مجتمعة في غاية الصغر بالنسبة للكرسي، والكرسي أيضا فوقهما، وفوق ذلك عرش الرحمن - جل وعلا، والكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، فهو متناهي الصغر بالنسبة إلى عرش الرحمن، والذي هو مستو عليه - جل وعلا - وهو فوقه - سبحانه وتعالى، ولو تأمل الناس صفة الرب - جل وعلا - وما يجب له من الجلال، وما هو عليه - سبحانه وتعالى - من صفات الذات، ومن صفات الفعل، وما عليه تلك الصفات من الكمال والجلال المطلق لاحتقروا أنفسهم، ولعلموا أنه لا ينجيهم ولا يشرفهم إلا أن يكونوا عبيدا له وحده دون ما سواه، فهل يعبد المخلوق المخلوق؟! إن الواجب أن يعبد المخلوق من هو متصف بهذه الصفات العظيمة، فهو الحقيق بأن يُذل له، وهو الحقيق بأن يُطاع، وهو الحقيق بأن يُجل، وهو الحقيق بأن يُسأل، وهو الحقيق بأن يُبذل كل ما يملكه العبد في سبيل مرضاته - جل وعلا - إذ هذا من قدره حق قدره، ومن تعظيمه حق تعظيمه، فإذا تأمل العبد صفات الربوبية وصفات الجلال