وصفات الجمال لله - جل وعلا - وأن ذات الله - جل وعلا - عظيمة، وأنه - سبحانه وتعالى - مستو على عرشه، بائن من خلقه، على هذا العظم، علم أنه لا أحد يستحق أن يتوجه إليه بالعبادة وأن يُعبد إلا الله - جل وعلا، وأن من عبد المخلوق الحقير الوضيع فإنه قد نازع الله - جل وعلا - في ملكه، ونازع الله - جل وعلا - في إلهيته؛ ولهذا يحق أن يكون من أهل النار المخلدين فيها والمعذبين عذابا دائما؛ لأنه توجه إلى هذا المخلوق الضعيف وترك الرب العلي القادر على كل شيء - سبحانه وتعالى.
ثم تأمل كيف أن ربك العزيز الحكيم المتصف بصفات الجلال، وهو - جل وعلا - فوق عرشه يأمر وينهى في ملكوته الواسع الذي ما الأرض إلا كشبه لا شيء في داخل ذلك الملكوت، يفيض رحمته ويفيض نعيمه على من شاء، ويرسل عذابه على من شاء، وينعم من شاء، ويصرف البلاء عمن شاء، وهو سبحانه ولي النعمة والفضل فترى أفعال الله - جل وعلا - في السماوات، وترى عبودية الملائكة في السماوات لهذا الرب العظيم، المستوي على عرشه، كما قال عليه الصلاة والسلام:«أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك قائم، وملك راكع، أو ملك ساجد»(١) تعظيما لأمر الله - جل وعلا - وترى نفوذ أمر الله في ملكوته الواسع الذي لا نعلم منه إلا ما حولنا من هذه الأرض، وما هو قريب منها، بل نعلم بعض ذلك، والله - جل وعلا - هو المتصرف ثم تنظر إلى أن الله الجليل العظيم المتصف بهذا الملك العظيم يتوجه إليك أيها العبد الحقير الوضيع فيأمرك
(١) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٧٣ والترمذي (٢٣١٢) وابن ماجه (٤١٩٠) .