ويحتمل الاستثناء هذا أن يكون راجعا إلى الذات، أو إلى الصفات، ومعلوم أن الأدلة دلت على أن الله - جل وعلا - على عرشه، مستو عليه بائن من خلقه، جل وعلا، والسماوات من خلقه سبحانه وتعالى؛ فعلم من ذلك أن قوله:" وعامرهن غيري " راجع إلى عمارة السماء بصفات الله - جل وعلا، وبما يستحقه سبحانه من التأله، والعبودية، وما فيها من علم الله، ورحمته، وقدرته، وتصريفه للأمر، وتدبيره، ونحو ذلك من المعاني.
سؤال: رجل عنده ولد مريض مرضا لم يجد له علاجا، فقال: أذهب إلى مكة، وأضع ولدي عند البيت، وأدعو له بالشفاء، فإذا حان الظهر دعوت مائة شخص من فقراء الحرم على الغداء ثم أقول لهم: ادعوا الله أن يشفي ولدي، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: هذا العمل فيه تصدق ودعوة الفقراء إلى الطعام، وفيه طلب الدعاء منهم لولده، والتصدق بالطعام هو من جنس الأعمال المشروعة - كما تقدم - وتقدم أيضا حكم الذبائح وإراقة الدماء، فإذا كان في هذا الإطعام ذبائح: فتفصيل الجواب كما سبق.
وإن كان قصده مجرد إطعامهم ولإشباعهم والتصدق عليهم، ثم طلب منهم الدعاء - وهي المسألة الثانية - فهذا راجع إلى هل يشرع طلب الدعاء من الغير بهذه الصفة، أو لا يشرع؟ الظاهر أن هذا من جنس ما هو غير مشروع، ومعنى أنه ليس بمشروع: أنه ليس بمستحب ولا واجب، ولكن هل يجوز طلب الدعاء من الآخرين؟ قال العلماء: الأصل في ذلك الكراهة، والمتأمل فيما روي عن الصحابة وعن التابعين الذين طلب منهم الدعاء: أنهم كرهوا ذلك، ونهوا