للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الطالب، وربما قالوا له: أنحن أنبياء؟!! كما قال ذلك حذيفة، ومعاذ، وغيرهما رضي الله عنهم، وكان إمام دار الهجرة: أنس بن مالك - رحمه الله - إذا طلب منه الدعاء نهى الطالب، خشية أن يلتفت الناس إليه، وتتعلق قلوبهم به، وإنما يتعلق في طلب الدعاء بالأنبياء، أما من دونهم فلا يتعلق بهم في هذا الأمر؛ لهذا اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن طلب الدعاء من المسلم الحي يكون مشروعا إذا قصد به نفع الداعي ونفع المدعو له، فإذا قصد الطالب أن ينفع الجهتين يعني: ينفع نفسه، وينفع الداعي فهذا من المشروع، وهذا هو الذي يحمل عليه ما جاء في السنة فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر لما أراد أن يعتمر: " لا تنسنا يا أخي من دعائك» (١) وهذا الحديث إسناده ضعيف، وقد احتج به بعض أهل العلم ومعناه ظاهر في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن ينفع عمر بهذه الدعوة؛ فالطالب للدعاء محتاج إلى غيره.

والمقصود: أن ما فعله هذا السائل لأجل ولده الأولى له تركه؛ لأجل ألا يتعلق قلبه بأولئك في دعائهم.

ومن العلاج المناسب شرعا أن يلتزم بين الركن والمقام، يعني: بين الحجر الأسود، وبين آخر حد باب الكعبة - وهو الملتزم، يلتزم ويلصق بطنه وصدره وخده ببيت الله - جل جلاله، ويقف بالباب مخبتا منيبا سائلا الله - جل وعلا - منقطعا عن الخلق عالما أنه لا يشفي من الداء في الحقيقة إلا الله - جل جلاله - فالله - جل وعلا - هو الذي يشفي، وهو الذي يعافي، كما قال


(١) أخرجه أبو داود (١٤٩٨) والترمذي (٣٥٦٢) وابن ماجه (٢٨٩٤) .

<<  <   >  >>