إله إلا الله) ، لم يحتج إلى أن يفصل له كل مسألة من المسائل، فمثلا: النذر لغير الله ليس فيه حديث النذر لغير الله شرك، والذبح لغير الله ليس فيه حديث ينص أن الذبح لغير الله شرك، وكذا: العكوف عند القبور، أو العكوف عند الأشجار والأحجار والتبرك بها، وكل ما سبق لم يأت فيه ما ينص عن النهي عنها بأعيانها، ولكن نفي إلهية غير الله - جل وعلا - يدخل فيها - عند من فهم معنى العبادة - كل الصور الشركية؛ ولهذا: فإن الصحابة - رضي الله عنهم - فهموا ما دخل تحت هذا النفي، ولم يطلب ذات أنواط - كما للمشركين ذات أنواط - إلا من كان حديث عهد بكفر، يعني: لم يسلم إلا قريبا، وهم قلة ممن كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسيره إلى حنين.
وأما الإثبات: فإنه يكون مفصلا، وتفصيل الإثبات تارة يكون بالتنصيص، وتارة يكون بالدلالة العامة، كما في الآيات الآمرة بوجوب إفراد الله - جل وعلا - بالعبادة، مثلا كقوله تعالى:{اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة: ٢١][البقرة: ٢١] ، وكقوله:{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف: ٥٩][الأعراف: ٥٩ و ٦٥ و ٧٣ و ٨٥ - هود: ٥٠ و ٦١ و٨٤ - المؤمنون: ٢٣ و ٣٢] ، ونحو ذلك من الآيات. وتارة يكون بالأدلة الخاصة بالعبادة كقوله تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}[الإنسان: ٧][الإنسان: ٧] ، وكقوله {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢][الكوثر: ٢] ، وكقوله {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال: ٩][الأنفال: ٩] ، فهذه أدلة إثبات تثبت أن تلك المسائل من العبادات؛ وإذا كانت من العبادات، فقول (لا إله إلا الله) يقتضي بالمطابقة أنه: لا تصرف العبادة إلا لله - جل وعلا.