الأسفل من النار» (١) فقوله عليه الصلاة والسلام: " لولا أنا " هذا فيه ذكر لعمله - عليه الصلاة والسلام - وافترق عن قول القائل: لولا فلان لحصل كذا، من جهتين: الجهة الأولى: أن ذلك القائل هو الذي حصلت له النعمة، أو اندفعت عنه النقمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هنا - يخبر عن صنيعه بعمه، وأن عمه اندفعت عنه بعض النقمة، فذلك النهي في المتحدث الذي تعلق قلبه بالذي نفعه أو دفع عنه الضر، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لولا أنا " فهو إخبار عن نفعه لغيره، فليس فيه تعلق القلب، في اندفاع النقمة، أو حصول النعمة بغير الله - جل وعلا -، هذا وجه، فتكون العلة التي من أجلها نهي عن قول: لولا كذا، لما فيها من نسبة النعمة إلى غير الله، من جهة تعلق القلب بذلك الذي حصل له النعمة، وهذا غير وارد في قول النبي عليه الصلاة والسلام:«لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - ليس هو الذي حصلت له النعمة، وإنما هو مخبر عن فعله لعمه.
الوجه الثاني في ذلك: أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد بين أن نفعه لعمه من جهة الشفاعة، فهو يشفع لعمه حتى يكون في ضحضاح من نار، فقوله:«لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» يعني: لولا شفاعتي. ومعلوم بنصوص الشرع أنه عليه الصلاة والسلام يكرم بالشفاعة، ويعطى الشفاعة، فهو سائل؛ وهو سبب من الأسباب، والمتفضل حقيقة: هو الله - جل وعلا،