أول ما يدعو إليه هو: شهادة أن لا إله إلا الله، وفسَّرتها الرواية الأخرى للبخاري في كتاب التوحيد من صحيحه، وهي بلفظ:«إلى أن يوحدوا الله»(١) .
فالدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله مأمور بها، وهي: الدعوة إلى التوحيد. فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر معاذا أن يدعو أهل اليمن، وكانوا من أهل الكتاب، يعني: من أهل الكتاب المُتَعبدين بالتوراة والإنجيل، فبعضهم كان من اليهود، وبعضهم من النصارى، أما المشركون فيهم فهم قليل، وأكثرهم كان على إحدى الملتين.
قال العلماء: قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ: «إنك تأتي قوما أهل الكتاب» فيه توطين وتوطئة للنفس بأن يهيئ نفسه لمناظرتهم، وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه من العلماء بدين الإسلام، ومن علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقال له عليه الصلاة والسلام ذلك ليهيئ نفسه لمناظرتهم ولدعوتهم، ثم أمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه أن يوحدوا الله - جل وعلا -.
وفي إعراب قوله:«فليكن أول ما تدعوهم شهادة أن لا إله إلا الله» وجهان:
الأول برفع قوله:(أولُ) على أنه اسم لـ (يكن) ، ونصب قوله (شهادة) على أنه الخبر. فيكون المعنى على هذا الوجه: أنه أخبره عن الأولية، فابتدأ بالأولية ثم أخبره بذلك الأول.