للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وقوله تعالى: أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي يعني: أدعو أنا إلى الله وكذلك من اتبعني ممن أجاب دعوتي، فإنهم يدعون إلى الله أيضا على بصيرة، وهذا أيضا من مناسبة إيراد الآية تحت هذا الباب؛ لأن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله.

فالمتبعون للرسل - عليهم الصلاة والسلام - والموحدون لله: لا بد لهم من الدعوة إلى الله، بل هذه صفته صلى الله عليه وسلم وصفتهم التي أمر الله نبيه أن يخبر عنها، فقال (قل) يعني: يا محمد: {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨] فهذه إذًا خصلة أتباع الأنبياء الذين لم يخافوا من الشرك فحسب، ولم يعلموا التوحيد ويعملوا به فحسب، بل دعوا إلى ذلك، وهذا أمر حتمي ولازم؛ لأن من عرف عِظَم حق الله - جل وعلا - فإنه يغار على حق الرب سبحانه وتعالى، وكيف لا يغار على مولاه، وعلى حق من أحبه فوق كل محبوب من أن يكون توجه الخلق إلى غيره بنوع من أنواع التوجهات؟! . فلا بد أن يدعو إلى أصل الدين وأصل الملة الذي اجتمعت عليه الأنبياء والمرسلون، ألا وهو توحيده - جل وعلا - في عبادته، وفي ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته - جل وعلا وعز سبحانه -.

ثم ساق الإمام - رحمه الله - حديث ابن عباس أنه قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله» وفي رواية: «إلى أن يوحدوا الله» : هذا موطن الشاهد، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذا أن يكون

<<  <   >  >>