للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وهذا أمر عظيم؛ فالداعي إلى الله هو أحسن أهل الأقوال قولا كما دلت عليه الآية السابقة.

وموطن الشاهد من قوله: {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ١٠٨] هو قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ١٠٨] فإنه دعاء إلى الله - جل وعلا - لا إلى غيره، وفي هذا فائدتان:

الأولى: أن الدعوة إلى الله دعوة إلى توحيده، ودعوة إلى دينه، كما سيأتي تفسير هذه الكلمة في الحديثين بعدها: حديث ابن عباس في إرسال معاذ إلى اليمن، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه في إعطاء علي الراية.

فدل قوله - جل وعلا -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ١٠٨] على الفائدة الأولى - كما تقدم - وهي أن الدعوة إلى الله فيها دعوة إلى التوحيد.

الثانية: التنبيه على الإخلاص، وهذا يحتاجه من أراد الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، والدعاء إلى الإسلام، يعني أن الداعي إلى الإسلام يحتاج أن يكون مخلصا في ذلك؛ ولهذا قال الشيخ - رحمه الله - في مسائل هذا الباب: في قوله: إِلَى اللَّهِ التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيرين وإن دعوا إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم، أو نحو ذلك.

وقوله في الآية: عَلَى بَصِيرَةٍ البصيرية: هي العلم، وهي للقلب كالبصر للعين يبصر بها المعلومات والحقائق، فكما أنك بالعين تبصر الأجرام والذوات، فإنك ببصيرة القلب والعقل تدرك المعلومات، والمعنى: أنه دعا على علم، وعلى يقين، وعلى معرفة، لم يدعُ إلى الله على جهالة.

<<  <   >  >>