للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الله. ففسروا الألوهية بالربوبية، وفسروا الإله بالقادر على الاختراع، أو بالمستغني عما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه، ولذلك يقدِّرون الخبر: موجود، فـ (لا إله) خَبَرُهَا: موجود، يعني: لا قادر على الاختراعِ والخلقِ موجودٌ إلا الله، ولا مستغنيا عما سواه، ولا مفتقرا إليه كل ما عداه موجودٌ إلا الله؛ لأن الخلق جميعا محتاجون إلى غيرهم. وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك على المسلمين؛ لأنهم ظنوا أن التوحيد هو: إفراد الله بالربوبية، فإذا اعتقد المرء أن القادر على الاختراع هو الله وحده: صار موحدا، وإذا اعتقد أن المستغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا وهذا من أبطل الباطل؛ لأن مشركي قريش كانوا على الإقرار بالربوبية، كما دَلَّ القرآن على ذلك، كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: ٦١] [العنكبوت: ٦١] وفي آية أخرى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: ٩] [الزخرف: ٩] ونحو ذلك من الآيات، وهي كثيرة، كقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ - فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: ٣١ - ٣٢] [يونس: ٣١ - ٣٢] الآيات من سورة يونس. فَعُلم بذلك

<<  <   >  >>