فرعون كان يُعبَد ولم يكن يَعْبُد، فصوب القراءة بـ وَيَذَرَكَ وَإِلَاهَتَكَ يعني: وعبادتك، وقراءتنا - وهي قراءة السبعة - {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}[الأعراف: ١٢٧] يعني: المتقدمين، فهذا معناه: أن ابن عباس فهم من الإلَهَة، معنى العبادة، وقد قال الراجز:
لله در الغانيات المدَّهِ ... سبَّحن واسترجعن من تألهِ
يعني: من عبادتي، فيكون - إِذًا - الإله هو: المعبود، بمعنى (لا إله) : لا معبود إلا الله.
فـ (لا) في قوله (لا معبود) هي: النافية للجنس وهي - كما تعلمون - تحتاج إلى اسم وخبر؛ لأنها تعمل عمل (إن) كما قال ابن مالك في الألفية:
عمل (إن) اجعل لـ (لا) في نكرة ... . . . . . . . . . . . . .
فإن قيل: فأين خبر (لا) النافية للجنس؟ فالجواب أنَّ كثيرا من المنتسبين للعلم قدروا الخبر: بـ (لا إله موجود إلا الله) ، ووَجْه هذا التقدير، وسببه: يحتاج إلى مقدمة قبله وهي: أن المتكلمين والأشاعرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا: إن كلمة (إله) هي بمعنى: فاعل؛ لأن (فعال) تأتي بمعنى (مفعول) ، أو (فاعل) فقالوا: هي بمعنى آلِه، والآلِه هو: القادر، ففسروا (الإله) بأنه: القادر على الاختراع؛ وهذا تجده مسطورا في عقائد الأشاعرة، كما في شرح العقيدة السنوسية، التي تسمى عندهم بـ (أم البراهين) . إذ قال فيها ما نصُّه:(الإله) هو المستغني عما سواه، المفتقر إليه كُلُّ ما عداه، قال: فمعنى لا إله إلا الله: لا مستغنيا عما سواه، ولا مفتقرا إليه كلُّ ما عداه إلا