بأنه إفراد الله بالعبادة - وهو توحيد الإلهية - وهذه الآية اشتملت على الثناء على خاصة عباد الله، بأنهم وحدوا الله في الإلهية. وهذه مناسبة الآية للباب، فقد وصفهم الله - جل وعلا - بقوله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ}[الإسراء: ٥٧] ومعنى: يَدْعُونَ: يعبدون؛ لأن الدعاء هو العبادة، والدعاء نوعان كما سيأتي تفصيله: دعاء مسألة، ودعاء عبادة، فقوله هنا {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ}[الإسراء: ٥٧] يعني: يعبدون، والوسيلة في قوله:{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}[الإسراء: ٥٧] هي: القصد والحاجة، والتقرب بالأعمال الصالحة يعني: أن حاجاتهم يبتغونها إلى ربهم ذي الربوبية الذي يملك الإجابة، وفي مسائل نافع بن الأزرق، المعروفة لابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سأله عن قوله تعالى في سورة المائدة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}[المائدة: ٣٥][المائدة: ٣٥] ما معنى الوسيلة؟ فقال: الوسيلة الحاجة، فقال له: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، ألم تسمع قول الشاعر، وهو عنترة يخاطب امرأة:
إن الرجال لهم إليك وسيلة ... أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
فقول عنترة:(لهم إليك وسيلة) يعني: لهم إليك حاجة، ووجه الاستدلال من آية المائدة: أنه قال: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}[المائدة: ٣٥] فقدم الجار والمجرور على لفظ (الوسيلة) ، وتقديم الجار والمجرور - وحقه التأخير - يفيد الحصر والقصر، وعند عدد من علماء المعاني: يفيد الاختصاص، وسواء أكان هذا أم ذاك، فوجه الاستدلال ظاهر: في أن قوله تعالى في آية الإسراء: