للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧] معناه: أن حاجاتهم إنما يبتغونها عند الله، وقد اختص الله - جل وعلا - بذلك، فلا يتوجهون إلى غيره، وقد حصروا وقصروا التوجه في الله - جل وعلا -.

وقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ الألوهية قوله تعالى {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧] ولم يقل: يبتغون إلى الله الوسيلة؛ لأن إجابة الدعاء، والإثابة، هي: من مفردات الربوبية؛ لأن ربوبية الله على خلقه تقتضي أن يجيب دعاءهم وأن يعطيهم سؤلهم.

فظهروا من قوله: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧] أن فيها تفسير التوحيد، وهو أن كل حاجة من الحاجات إنما تنزلها بالله - جل وعلا - وكذلك قوله: يَدْعُونَ فيه تفسير التوحيد - أيضا - لأن معنى يَدْعُونَ يعبدون؛ فهم إنما يطلبون حاجتهم من الله - جل وعلا - فلا يعبدون غير الله بنوع من العبادات، ولا يتوجهون بها لغير الله، فإذا نحروا فإنما ينحرون يبتغون إلى ربهم الحاجة، وإذا صلوا فإنما يصلون يبتغون إلى ربهم القربة، وإذا استغاثوا فإنما يستغيثون بالله يبتغون إليه رفيع الدرجات دونما سواه، إلى آخر مفردات توحيد العبادة. فهذه الآية دالة - بظهور - على أن قوله: {يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧] أنه هو التوحيد. وقد استشكل بعض أهل العلم إيراد هذه الآية في الباب وقال: ما مناسبة هذه الآية لهذا الباب؟ وبما ذكرت لك تتضح المناسبة جليا.

<<  <   >  >>