هي قول: لا إله إلا الله، كما عليه تفاسير السلف، فقوله - جلا وعلا -: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}[الزخرف: ٢٦] فيه النفي الذي نعلمه من قوله (لا إله) ، وقوله {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٧] فيه الإثبات الذي نفهمه من قولنا (إلا الله) فتفسير شهادة أن لا إله إلا الله هو في هذه الآية؛ لأن:(لا إله) معناها: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}[الزخرف: ٢٦] و (إلا الله) معناها {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٧] ففي آية سورة الزخرف هذه: أن إبراهيم عليه السلام شرح لهم معنى كلمة التوحيد بقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٦ - ٢٧] والبراءة هي: الكفر، والبغضاء، والمعاداة. وتبرَّأ من عبادة غير الله، فهذه البراءة لا بد منها، ولا يصح إسلام أحد حتى تقوم هذه البراءة في قلبه؛ لأنه إن لم تقم هذه البراءة في قلبه، فلا يكون موحدا، والبراءة هي: أن يكون مبغضا لعبادة غير الله، كافرا بعبادة غير الله، معاديا لعبادة غير الله، كما قال في الآية هنا:{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}[الزخرف: ٢٦] أما البراءة من العابدين فإنها من لوازم التوحيد، وليست من أصل كلمة التوحيد، بمعنى أنه قد يعادي، وقد لا يعادي. وهذه لها مقامات منها ما هو مكفر، ومنها ما هو نوع موالاة، ولا يصل بصاحبه إلى الكفر.
فتحصل لك - إذًا -: أن البراءة بالتي هي مضمنة في النفي في قول: (لا إله) تقتضي البغض لعبادة الله، والكفر بعبادة غير الله والعداوة لعبادة غير الله، وهذا القدر لا بد منه، بل لا يستقيم إسلام أحد حتى يكون في قلبه ذلك.