ثم قال:{إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٧] وهذا الاستثناء هو كالاستثناء الذي في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ، قال بعض أهل العلم في قوله:{إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}[الزخرف: ٢٧] ذكر الفطر دون غيره؛ لأن في ذلك تذكيرا بأنه إنما يستحق العبادة مَن فَطَر، أما مَن لم يفطِرْ، ولم يخلق شيئا، فإنه لا يستحق شيئا من العبادة.
فمناسبة هذه الآية للباب ظاهرة، وكذا: وجه الاستدلال منها.
قال: وقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١][التوبة: ٣١] الأرباب: جمع رب، والربوبية هنا هي: العبادة، يعني: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم معبودين مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: مع الله؛ وذلك أنهم أطاعوهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، والطاعة من التوحيد، وفردٌ من أفراد العبادة، فإذا أطاع غير الله في التحليل وفي التحريم: فإنه يكون قد عبد ذلك الغير، فهذه الآية فيها: ذِكْرُ أحد أفراد التوحيد، وأحد أفراد العبادة، وهو الطاعة، وسيأتي إيرادها في باب مستقل - إن شاء الله تعالى - مع بيان ما تشتمل عليه من المعاني.